2025-07-07 10:36:59
تعتبر القصيدة المحمدية أو “البردة” للإمام البوصيري من أشهر القصائد المدحية في التاريخ الإسلامي، حيث تجسد أسمى معاني الحب والوفاء لسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم. كتبها الإمام شرف الدين محمد البوصيري في القرن السابع الهجري (القرن الثالث عشر الميلادي)، ولا تزال حتى يومنا هذا مصدر إلهام للمسلمين حول العالم.
النشأة التاريخية للقصيدة
يُروى أن الإمام البوصيري أصيب بمرض شديد أقعده عن الحركة، فأنشأ هذه القصيدة متوسلاً إلى الله تعالى بشفاعة نبيه الكريم. وبعد أن أتمها رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يمسح بيده المباركة على جسده فشفي في الحال، وغطاه بردائه (عباءته) – ومن هنا جاءت تسميتها بالبردة.
البنية الفنية للقصيدة
تتألف القصيدة من 160 بيتاً موزعة على عشرة أبواب، تبدأ بالغزل والعتاب ثم تنتقل إلى مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وذكر معجزاته وشمائله، وتختتم بالمناجاة والتوسل. وقد حظيت القصيدة باهتمام كبير من العلماء الذين شرحوا معانيها العميقة، مثل الإمام ابن حجر الهيتمي في كتابه “المنح المكية في شرح الهمزية”.
التأثير الثقافي والديني
انتشرت البردة في أرجاء العالم الإسلامي شرقاً وغرباً، وأصبحت تُتلى في الموالد النبوية والمناسبات الدينية. وقد تُرجمت إلى العديد من اللغات العالمية، كما وضع عليها العديد من الشروح والحواشي. وتُعد من أكثر النصوص الأدبية الإسلامية التي حظيت باهتمام الموسيقيين والمنشدين الذين وضعوا لها ألحاناً عديدة.
الخصائص الأسلوبية
تمتاز قصيدة البردة بأسلوبها البديع وجزالة ألفاظها وعمق معانيها، حيث جمعت بين البلاغة العربية الأصيلة والمعاني الروحية السامية. وقد استخدم البوصيري فيها المحسنات البديعية بكثافة مثل الطباق والجناس والموازنة، مما جعلها تحفة أدبية لا تُضاهى.
ختاماً، تبقى القصيدة المحمدية للإمام البوصيري شاهداً حياً على عظمة الأدب الإسلامي وقدرته على تجسيد الحب النبوي في أبهى صوره. ولا يزال المسلمون يتدارسونها ويتغنون بها، مؤكدين بذلك حيوية التراث الإسلامي وقدرته على مواكبة العصور.